كلمة السيد الرئيس الأول للمحكمة العليا بمناسبة تنصيبة يوم 06 سبتمبر2021
بسم الله الرحمان الرحيم
و الصلاة و السلام على سيد المرسلين و على أهله و صحبه أجمعين،
السيد رئيس المجلس الدستوري،
السيد وزير العدل حافظ الأختام،
السيد رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان،
السيدة المفوضة الوطنية لحماية الطفل،
السيد والي ولاية الجزائر،
السيد رئيس المجلس الشعبي الولائي،
السيدة الرئيسة و السيد محافظ الدولة لدى مجلس الدولة،
السيد رئيس الإتحاد الوطني لمنظمات المحامين،
زميلاتي زملائي القضاة،
السيدات و السادة الحضور كل باسمه و مقامه،
أسرة الإعلام،
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،
ها نحن نلتقي مرة أخرى كما تقتضيه سنة الحياة و ما يقتضيه مبدأ التداول على المناصب، و إني أقٍفُ أمامكم اليوم بعد أن كُلفت من طرف السيد رئيس الجمهورية، رئيس المجلس الأعلى للقضاء، للقيام بمهام الرئيس الأول للمحكمة العليا، و من هذا المنبر فإني أتقدم له بالشكر الجزيل على هذه الثقة التي لن يُقابلها إلا شُعُورٌ قوي بِعِبءِ هذا الحمل و هذه المسؤولية الكبيرة التي تتطلب منا بذل كل ما عندنا من جهد و قدرة على العطاء، و إننا ندعو الله عز و جل أن يمدنا بالقوة و الصحة و القدرة على أداء مهامنا في أحسن الظروف حتى نكون عند حسن ظن الجميع.
إن هذا التكليف كما يعلم الجميع جاء في مرحلة حساسة، و الجزائر تَخْطُو خطوات جبارة رغم جائحة كورونا للخروج في أقرب الآجال من المرحلة التي عشناها سابقا ولإعادة البلاد إلى السكة الصحيحة من خلال تجديد جميع مؤسسات الدولة، بما يتماشى و متطلبات الشعب.
و في هذا الإطار، فإن الدستور الجديد الذي صادق عليه الشعب في استفتاء نوفمبر 2020، قد خص قطاع العدالة كسلطة مستقلة بأحكام جوهرية غير مسبوقة، تهدف كلها إلى تكريس استقلالية السلطة القضائية بصفة فِعلية.
و يتجلى ذلك من خلال دَسْترة تشكيلة المجلس الأعلى للقضاء لأول مرة في تاريخ الجزائر، و كذا جَعْل هذه التشكيلة التي يترأسها السيد رئيس الجمهورية وينوبه الرئيس الأول للمحكمة العليا عند الاقتضاء خلافا لما كان عليه الحال سابقا ،
بحيث يتكون هذا المجلس من أغلبية من القضاة يتم انتخابهم من طرف زملائهم على مستوى مختلف الجهات القضائية، و قد أوُكلت لهذا المجلس طبقا لنص المادة 181 من الدستور مهمة تعيين القضاة ونقلهم و تسيير مسارهم الوظيفي، كما أصبح له رأي مطابق في التعيين في الوظائف القضائية النوعية الذي يتم بموجب مرسوم رئاسي.
إن هذه المستجدات تجعلنا نشعر بِثقل المسؤولية لكونها مرحلة جديدة لم نَعْهَدْهَا من قبل، ومن أجل أن تكون الانطلاقة في المستوى المطلوب منا، فإننا ننتظر من جميع الأسرة القضائية بجميع مكوناتها أن تكون في مستوى تطلعات و طموحات هذا الشعب و ذلك بالاحتكام إلى الضمير و القانون بعد أن نزعت عن القاضي كل أنواع الضغوط و وُفرت له كل أسباب العمل المريح لأداء مهامه على أحسن وجه.
و إذا تَمَكَّنا من أدَاء ما هو منتظر منا بكل حِيَاد و صِدق و بكل تَجَرُّدْ و ابتعدنا عن التصرفات السلبية و السُلوكات التي تمس بنزاهة القاضي، فإن ذلك سينعكس لا محالة على الحياة العامة و سَيُسَاهِم في دفع عجلة تقدم و رقي هذه الأمة و سَيُوَلِّد شعورًا بالإطْمئنان لدى كل المتقاضين وطنيين كانوا أم أجانب، لكونهم سيجدون أنفسهم أمام قضاء يضع جميع الناس على قدم المساواة.
لهذا أناشد الجميع، قضاة و موظفين و هيئة الدفاع و مساعدي العدالة بصفة عامة على بذل المزيد من الجهود و توحيد الصفوف و الالتزام بأخلاقيات المهنة و وضع نصب أعيننا تحقيق هدف واحد و وحيدو هو العدل والإنصاف.
و في الأخير لا يسعني في هذا المقام باسمي و اسم جميع قضاة و موظفي المحكمة العليا إلا أن أقول كلمة حق و التي من خلالها أُوجه كل الشُّكْرِ و التَّقْدِير والعِرْفَان للسيد وزير العدل حافظ الأختام طبي عبد الرشيد الرئيس الأول السابق للمحكمة العليا و ذلك نظير المجهودات الجبارة التي بذلها خلال السنتين الماضيتين التي تولى فيهما مسؤولية الإشراف على هذه الهيئة القضائية و التي كان لي الشرف أن أكون شاهدا على التغييرات و التحسينات الجذرية التي أدخلت في جميع المجالات قضائيا، تسييريا و هَيْكَليا، و هو ما ولد شعورًا بالرضا لدى كل من كانت له علاقة مباشرة أو غير مباشرة مع هذا المرفق.
و في الأخير أشكركم على تلبية الدعوة لحضور هذه الجلسة الإحتفائية، و أتمنى أن يوفقنا الله و يسدد خطانا لخدمة العدالة و الوطن.
و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.