حيث إنّه بموجب القرار الصادرعن مجلس قضاء سكيكدة ـالغرفة الاستعجاليةـ بتاريخ 2021.03.14 فهرس رقم 21/00480 القاضي بإحالة الدفع بعدم دستورية المادة 1/633 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية على المحكمة العليا لاتخاذ ما تراه مناسبا بشأنه و إرجاء الفصل في النزاع إلى غاية صدور قرار بشأن الدفع بعدم الدستورية مع إبقاء المصاريف القضائية محفوظة.
ـ حيث يستخلص من القرار محل الإرسال المذكور أعلاه أنّ المدعية مثيرة الدفع المستثمرة الفلاحية الفردية ممثلة برئيسها (ن-ح) على إثر تبليغها بالقرار الصادر عن مجلس قضاء سكيكدة ـ الغرفة العقارية ـ بتاريخ 2020.05.20 الذي في إطار إعادة الحالة لما كان عليه من قبل، قد قضى بإلغاء الحكم المستأنف الصادر بتاريخ 2019.01.16 و من جديد، إلزامها و كل من يحل محلها بالخروج من الجزء المساحي الذي تم طرد المدعى عليه في الدفع (ك -م) منه مع إلزامها أن تدفع له مبلغ 1.354.680دج، أقامت دعوى أمام محكمة الحروش ـ القسم الاستعجالي ـ ضد خصمها و بحضور المحضر القضائي منسول الرزقي صدر بشأنها بتاريخ 2021.02.08 فهرس رقم 21/00076 أمرا غيابيا للمدعى عليه واعتباريا حضوريا للمحضر القضائي غير قابل لأي طعن برفض طلبها الرامي لوقف تنفيذ القرار المؤرخ في 2020.05.20 مع الأمر بمواصلة تنفيذه، وأثناء النظر في استئنافها لهذا الأمر المرفوع بتاريخ 2021.02.21، أثارت بواسطة دفاعها الأستاذ بوشحيط محمد الصالح دفعا مكتوبا بمذكرة منفصلة عن عريضة الاستئناف مسجلة بتاريخ 2021.03.07، يتعلق بعدم دستورية المادة 1/633 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، متأسسة على تعارض نص هذه المادة مع نص المادة 3/165 من الدستور وعلى أنّ بقاء هذا النص التشريعي ساري المفعول يمس بحق التقاضي على درجتين وعلى أنّ دعوى إشكالات التنفيذ بالرغم من أنّها لا تمس أصل الحق و تهدف لإصدار أوامر وقتية لكن في بعض الأحيان الاستمرار في تنفيذها يترتب عليه نتائج لا يمكن تداركها في المستقبل.
ـ حيث إنه بتاريخ 2021.03.31 ورد ملف إرسال الدفع بعدم الدستورية إلى المحكمة العليا
ـ حيث إنّه لم يتقدم أي من الطرفين بمذكرة بملاحظاته المكتوبة بالرغم من تمكينه من ذلك.
ـ حيث إنّ النيابة العامة قدمت طلباتها المكتوبة ملتمسة قبول الدفع بعدم الدستورية شكلا و في الموضوع، القضاء بإحالة هذا الدفع إلى المجلس الدستوري.
في الشكل:
ـ حيث إنّ عرض الدفع بعدم الدستورية على المحكمة العليا ورد طبقا للأشكال و الإجراءات المنصوص عليها قانونا لقبوله شكلا.
في الموضوع:
ـ حيث إنّ الدفع بعدم الدستورية المرسل من مجلس قضاء سكيكدة يتعلق بمدى مساس المادة 1/633 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية لمبدأ التقاضي على درجتين.
ـ حيث إنّه من المقرر قانونا، طبقا للمادة 02 من القانون العضوي رقم 18-16 المؤرخ في 2018.09.02 أنّ الدفع بعدم الدستورية هو إدعاء أحد أطراف الدعوى بأنّ الحكم التشريعي الذي يتوقف عليه مآل النزاع ينهك الحقوق والحريات التي يضمنها الدستور، كما أنّه من المقرر قانونا أيضا طبقا للمادة 08 من ذات القانون العضوي أن يتم إرسال الدفع بعدم الدستورية بتوافر الشروط التالية:
1 ـ إذا كان يتوقف على الحكم التشريعي المعترض عليه مآل النزاع أو أن يشكل أساس المتابعة.
2 ـ ألّا يكون هذا الحكم التشريعي قد سبق التصريح بمطابقته للدستور من طرف المجلس الدستوري باستثناء حال تغيّر الظروف.
3 ـ أن يتم الوجه المثار بالجديّة.
ـ حيث إنّ المادة 1/633 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية تنص على أنّه " يتعيّن على رئيس المحكمة أن يفصل في دعوى الإشكال في التنفيذ أو في طلب وقف التنفيذ، في أجل أقصاه خمسة عشر (15) يوما من تاريخ رفع الدعوى بأمرغير قابل لأي طعن ".
ـ حيث إنّ حق التظلم في الأحكام القضائية هو حق مكرس في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المعتمد بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 1966.12.16 والذي تم الانضمام له من طرف الجزائر بالمرسوم الرئاسي رقم 67/89 المؤرخ في 1989.05.16 والذي طبقا للمادة الثانية منه في الفقرة 3 " كل دولة طرف في هذا العهد تتعهد لأي شخص انتهكت حقوقه و حرياته المعترف بها فيه بأن تضمن له سبيل فعال للتظلم و تتعهد بأن تضمن بأن تبت السلطة المختصة القضائية، الإدارية أو التشريعية في حقوق الشخص الذي يسجل التظلم و بأنّ تنمّي إمكانيات التظلم القضائي" ووفقا للمادة 154 من الدستور" المعاهدات التي يصادق عليها رئيس الجمهورية حسب الشروط المنصوص عليها في الدستور تسمو على القانون ".
ـ و حيث إنّه لما كان مبدأ التقاضي على درجتين يعتبر من الركائز المدعمة لحق الإنسان في المحاكمة العادلة والذي بدوره يعتبر من المبادئ التي يقوم عليها قانون الإجراءات المدنية والإدارية وفقا لأحكام المادة 6 منه، فإنّ عدم منح المادة 1/633 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية باعتبارها حكما تشريعيا صدر بموجب قانون عادي والمدفوع بعدم دستوريتها، حق استئناف الأوامر الفاصلة في إشكالات التنفيذ و في طلبات وقف التنفيذ قد يتضمن التمييز بين المتقاضين والتقييد في ممارسة حقهم في التظلم في هذا النوع من الأحكام القضائية و حرمانهم من فرصة الدفاع عن حقوقهم أمام جهة أعلى وهذا من شأنه أن يمس بمبدأ التقاضي على درجتين المكرّس في المادة 3/165 من الدستور و كذا المادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المصادق عليه بالمرسوم الرئاسي رقم 67/89 المؤرخ في 1989.05.16 و بالتبعية لا يتماشى مع مبدأ المساواة المجسد في المادتين 37 و 1/165 من الدستور والذي يضمن من خلالهما للمواطنين حماية متساوية أمام القانون والقضاء بعيدة عن أي تمييز يعود سببه لأي شرط، و طالما أنّ مرمى الدفع المثار هو انتهاك الحكم التشريعي المدفوع بعدم دستوريته مبدأ التقاضي على الدرجتين بأخذه معيار موضوع الدعوى سببا لحرمان من أثارته من حق التظلم من الأمر الصادر فيها ضدها مع أنّ الأصل هو قابلية الأحكام القضائية في الدعاوى الأخرى للاستئناف، فإنّه يبدو أنّ هناك أسبابا من شأنها إحداث شك حول دستورية الحكم التشريعي المدفوع بعدم دستوريته وهذا ما يجعل الدفع المثار يتسم بالجدية طبقا للشرط المنصوص عليه في المادة 3/8 من القانون العضوي رقم 18-16.
ـ حيث أنّه فضلا عن ذلك، فإنّ الحكم التشريعي المدفوع بعدم دستوريته يتوقف عليه مصير الفصل في قبول أو عدم قبول استئناف المدعية مثيرة الدفع وأنّ هذا الحكم التشريعي لم يسبق للمجلس الدستوري وأن صرح بمطابقته للدستور طبقا للشرطين المنصوص عليهما في المادة 8 الفقرتين 1 و 2 المذكورة أعلاه، مما يتعيّن و أمام تحقق شروط المادة 2/13 من ذات هذا القانون، التصريح بإحالة الدفع بعدم الدستورية إلى المجلس الدستوري للفصل فيه وفقا للقانون.
ـ حيث إنّه يتعيّن إبقاء المصاريف القضائية محفوظة.