آخر قرار منشور في المجلة: ملف رقم 1458937 قرار بتاريخ 26- 05- 2022
آخر قرار منشور في الموقع الإلكتروني: ملف رقم 1508593 قرار بتاريخ 03. 03. 2022
آخر مجلة معروضة للبيع: العدد اﻷول لسنة 2022

أنت هنا

                  بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على صاحب المقام و خير الأنام,
            أشرف المرسلين سيدنا ونبينا محمد
        المصطفى الكريم و على آله و صحبه أجمعين؛

السيد رئيس الجمهورية رئيس المجلس الأعلى للقضاء،
السيد رئيس مجلس الأمة،
السيد رئيس المجلس الشعبي الوطني،
السيد رئيس المحكمة الدستورية ،
السيد الوزير الأول ،
السيد قائد أركان الجيش الوطني الشعبي،
السيدات و السادة أعضاء الحكومة،
أصحاب السعادة , أعضاء  السلك الدبلوماسي ،
ضيوف الجزائر , رئيسة و أعضاء المحكمة الإفريقية لحقوق الانسان و الشعوب،
زميلاتي و زملائي القضاة ،
السادة النقباء لمساعدي القضاء،
السيدات و السادة إطارات الدولة، المدنية منها و العسكرية،
السيدات و السادة الحضور، كل باسمه و مقامه،
أســـرة الإعـــــلام ،
ضيوفنا الكرام السلام عليكم ورحمة الله و بركاته،

سيدي الرئيس,
     إِنه لشرفٌ عظيم لي  بادئ ذي بدء بإِسمي الشخصي  ونيابةً عن  جميع  زميلاتي و زملائي القضاة  و إطارات وموظفي المحكمة العليا أن أرحبَ  بالسيد  رئيس الجمهورية  و بجميع  الضيوف الكرام الذين يُشاركوننَا  هذا الحدثْ و بعد،  

    إنه لَمِنْ دواعي  العِزَّة و السُّرور  أن نلتقيَ  اليوم في هذا  الجمع الكَرِيم الخاص بافتتاح السنة القضائية , هذا الموْعِد  المكرَّس دستورياً ,و نَستَضيفْ من خلالهِ السيد رئيس الجمهورية رئيس المجلس الأعلى للقضاء و القاضي الأول في البلاد و هو الذي يَعْكسُ حُضورُه بيننا مدى وَفائِهِ واهْتمامِهِ الشخصي ورِعايتهِ السامية شخصياً لقطاع العدالة  تماشياً مع الأَهداف المسطرة ودفعاً معنوياً لإِرسَاء  مِصداقية الجِهازْ القَضائي في المجتمع وجَعْلهِ الإِطار الدُستوري لِضمان الحريات و المساواة و الأمن القانوني لبناء دولة الحق والقانون.
  السيد رئيس الجمهورية ،
    إنَّ هذه المناسبة  تتزامن مع إحياء الذكرى التاسعة  والستِينْ لاندلاع ثورة نوفمبر المجيدة ، وما أَسَستهُ من مبادئ تاريخية للدولة الجزائرية مَكنتها من الاستقرار و الدَّيمومة بفضل المواقف الثابتة المتخذة بشأن القضايا الدولية المبنية على السلم و التعاون و عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ، خاصةً مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها ، و بفضل كل ذلك استعادت الجزائر مكانتها في الساحة الدولية من خلال النهضة الدبلوماسية  و انتخابها عضوا غير دائم في مجلس الأمن ، وهو الأمر الذي يتطلب تثمينه تضافر جهود جميع مؤسسات الدولة  والهيئات غير الحكومية المكونة للمجتمع و توحيد المواقف في مواجهة كل السلوكات والأفعال التي من شانها المساس بالنسيج الاجتماعي والاستهانة بقوانين الجمهورية و خلق بؤر فساد لعرقلة التطور والتنمية بمفهومهما الشامل اقتصاديا و اجتماعيا.
ذلك كله يعد بمثابة الإطار الضروري و اللازم لجلب الاستثمارات الخارجية و تطوير قدرات الاقتصاد الوطني , ومنه يتعين أن تهيئ الساحة القضائية إطاراً قانونياً و قضائياً مناسباً للحفاظ على مصالح الدولة الجزائرية و هذا بدوره ما يتطلب توفير الجو الملائم تنفيذا للضمانات الدستورية  والقانونية المتوفرة ، ولن يتحقق المسعى المطلوب إلا بأخلقة العمل القضائي والاعتماد على المعارف العلمية و التكوين  المستمر و الولوج إلى عالم الرقمنة  و الاستفادة من التجارب  الرائدة في إطار ماهو مسطر من برنامج للنهوض بقطاع العدالة .
سيدي الرئيــس
لقد شهدت الساحة القضائية صدور عدة نصوص قانونية استكمالاً لما كان مسطر في إطار البرنامج المخصص لقطاع العدالة منها على الخصوص:
-    القانون رقم 23-01 المؤرخ في 07 فبراير 2023 المعدل و المتمم للقانون رقم 05-01 المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال و تموييل الارهاب و مكافحتهما.
-    القانون رقم 23-04 المؤرخ في 7 ماي 2023 و المتعلق بالوقاية من الاتجار بالبشر و مكافحته.
-    القانون رقم 23-05 المؤرخ في 7 ماي 2023 المعدل   و المتمم للقانون رقم 04-18 المتعلق بالوقاية من المخدرات و المؤثرات العقلية وقمع الاستعمال و الاتجار غير المشروعين بهما.
-    القانون رقم 23-09 المؤرخ في 21 جوان 2023 المتضمن القانون النقدي و المصرفي.
-    القانون رقم 23-13 المؤرخ في 5 أوت 2023 المعدل    و المتمم للقانون رقم 06-03 و المتضمن تنظيم مهنة المحضر القضائي.
و كذا المرسوم الرئاسي رقم 23-288  المؤرخ في 03أوت 2023 الذي يحدد الهياكل الإدارية التابعة للمجلس الأعلى للقضاء و مهامها ، إذ بفضله سيعرف المجلس الأعلى للقضاء ميلاده الحقيقي في ضوء القانون العضوي رقم 22-12 الذي يحدد قواعد انتخاب أعضاء المجلس الأعلى للقضاء و قواعد تنظيمه و عمله، حيث سيتمكن من ممارسة مهامه الدستورية كهيئة مكلفة بحماية القاضي من خلال دسترة المهم و تحسين الجانب الاجتماعي سيما بوجود الآليات المحددة لصلاحياته واختصاصات كل مديرياته.

سيدي الرئيــس
إن هذا الحدث الدستوري هو وقفة لتقييم النشاط القضائي ومعرفة ما تم انجازه من تقدم في البرنامج الذي تم عرضه في السنة القضائية  الماضية و عليه لقد أكدنا من خلال العرض المقدم في السنة المنصرمة بان المحكمة العليا هي الواجهة  الأساسية  للعمل القضائي من خلال المهام الدستورية المنوطة بها و أن الأمر يتطلب دراسة تحليلية و إستشرافية لاتخاذ الإجراءات اللازمة التي تؤسس لعمل قضائي نوعي  يستجيب لمتطلبات المتقاضين ويتماشى و احترام القانون.
و في ذات السياق لقد بلغت المحكمة العليا تقدما ملحوظاً من ما عرضناه في السنة الماضية من نشاط و ذلك, من خلال تأهيل القضاة و إخضاعهم لبرنامج تكوين مستمر تسهيلا لاندماجهم  في العمل القضائي ، كما تم توحيد أغلبية المواضيع محل الاختلاف في المجالين المدني و الجزائي , إضافة إلى إصدار نموذج القرار الجزائي من حيث الهيكل     و المنهجية و الشكل الخارجي , و الانتهاء من انجاز نموذج القرار المدني بعد عرضه على مكتب المحكمة العليا للمصادقة عليه ليدرج في التطبيقة القضائية, كما تم إنشاء "نشرة  الاجتهاد القضائي" خلال سنة 2023 المتضمنة للمواضيع التي تم توحيدها مرتبة ترتيبا أبجديا مضافا إليها  المسألة القانونية المرتبطة بالموضوع   و موقف المحكمة العليا من هذه المسألة القانونية مصاغ في شكل مبدأ و التي ستشكل على المدى البعيد "موسوعة الاجتهاد القضائي  للمحكمة العليا" وزعت على القضاة  للعمل بها كمرجع و تخضع للتحيين بعد صدور كل مذكرة توحيد.
أما عن رقمنة العمل القضائي و تنفيذا لما أسديتموه من تعليمات في هذا السياق لقد عرفت المحكمة العليا قفزة نوعية  من خلال الإجراءات المسبقة قبل الشروع في البرنامج المسطر للعصرنة  و ذلك بفضل المجهودات المبذولة من طرف كافة قضاة و إطارات وموظفي المحكمة العليا , إذ توصلنا إلى إنشاء مصلحة خاصة بالرقمنة و تأطيرها بما يسمح باستكمال عملية الرقمنة بنسبة 100 % فمن بين 45 قسم -تابع للغرف - تمت رقمنة 40 قسم و بقيت 5 أقسام اتخذت بشأنها كلها إجراءات المسح و قد بلغ العدد الاجمالي للملفات الممسوحة: 43629 ملف لغاية 30 اكتوبر 2023 بما فيها تلك المجدولة على أن تستكمل العملية برمتها إن شاء الله قبل نهاية شهر ديسمبر 2023 و تتمكن جميع غرف المحكمة العليا من رقمنة عملها القضائي بصفة نهائية            و الانطلاق في تنفيذه.
كما تم إنشاء حسابات  مع المجالس القضائية لتسهيل ورود الملفات إلى المحكمة العليا و هي مرقمنة . و قد أنجز كل ذلك مع الأخذ بعين الاعتبار مسألة التجانس بين مشروع الرقمنة    و تطبيقة التسيير الآلي للملف القضائي التي تشرف عليها مصالح العصرنة لوزارة العدل و بالتنسيق معها حتى يتسنى الربط بين الآليتين تجسيداً لمشروع الرقمنة بأكمله.

السيد الرئيــس
إن نشاط المحكمة العليا في تزايد مستمر  و ذلك بسبب عدد الطعون  المسجلة سيما في المجال الجزائي و رغم ذلك فقد تم ضبط آليات للفصل في القضايا بإعطاء الأولوية للمحبوسين والقضايا الهامة المتعلقة بالفساد و الأمن الغذائي  و تلك الماسة بالاقتصاد الوطني.
و في هذا الصدد تم خلال السنة القضائية الفارطة تسجيل  93329 قضية (منها 79684 قضية جزائية ) وخلال نفس الفترة تم الفصل في 114113 قضية (منها 100631 قضية جزائية)أي بنسبة انجاز تقدر ب 122%.

و فيما يتعلق بالتعاون مع الهيئات الوطنية و الدولية في المجالين القانوني و القضائي  و تنمية المعارف فقد تم تنظيم عدة ملتقيات و أيام دراسية منها  :
تنظيم ملتقى دولي بالتعاون مع جامعة الجزائر 1 , بعنوان " المسؤولية  المهنية ,أي وجود قانوني" (شهر نوفمبر 2022 ).
تنظيم يوم دراسي بالتعاون مع مجلس الدولة , بعنوان " تقنيات الطعن بالنقض في المواد المدنية و الإدارية (شهر مارس 2023).
ملتقى وطني بالتعاون مع مخبر قانون الأسرة التابع لجامعة الجزائر 1 بعنوان ,"فقه الأعمال الولائية لقاضي شؤون الأسرة بين النص و التطبيق (في ماي 2023 ).
يومين دراسيين بالتعاون مع سفارة فرنسا في الجزائر و محكمة النقض الفرنسية بعنوان "إجراءات عدم قبول الطعن أو رفضه بدون تسبيب, في المواد المدنية و الجزائية والتجريد المادي لتسيير الهيئات القضائية" (جوان 2023 ).
كما تم التوقيع على اتفاقيتي تعاون الأولى مع المحكمة الدستورية (جانفي 2023) و الثانية مع جامعة أحمد درايعية بأدرار (ماي 2023) و التحضير جار لتوقيع عدد من اتفاقيات التعاون مع هيئات قضائية دولية (محاكم عليا لكل من جمهورية أذربيجان , ألمانيا الفدرالية , و الصين الشعبية).
السيد رئيــس الجمهورية,
إن ما تم عرضه من نشاط المحكمة العليا لهذه السنة القضائية لا يعد سوى واجباً في إطار  المهمة المسندة إليها دستورياً  و المتمثلة في توحيد الاجتهاد و السهر على تطبيق القانون    و التي تحتاج إلى تضافر جهود جميع الفاعلين في قطاع العدالة و الانصياع إلى ما قطعت  فيه هذه الهيئة العليا, غير أن بلورة  الاجتهادات التي أقرتها المحكمة العليا تحتاج إلى تفعيل ضمن مسار التعديلات التي تعرفها جلّ القوانين كون هذه الاجتهادات تعد آلية مؤقتة لسد الفراغات و الإشكالات القانونية الناتجة عن تطبيق النصوص في الساحة القضائية.
سيدي الرئيــس
 
    لايفوتني قبل أن أختم كلمتي هذه أن أتقدم بالشكر و العرفان  إلى كافة السيدات و السادة قضاة المحكمة العليا  و جميع إطاراتها و موظفيها لما بذلوه من جهود  لانجاز  الأعمال المحققة خلال هذه السنة  و أدعوهم إلى التسلح بأكثر عزيمة و إرادة وتجنيد للاستمرار في  نفس النهج من أجل النهوض بهيئتنا القضائية تماشياً مع مَهَامِهَا الدستورية المسطرة ضمن البرنامج الذي أقرته  الدولة  لإصلاح قطاع  العدالة   و تعزيز دولة القانون و الوصول إلى عدالة عصرية  ومستقلة و فعالة.
في الختـــام,
  سيدي الرئيس,
أجدد لكم جزيل الشكر و التقدير و العرفان باسمي شخصيا   و باسم جميع قضاة وموظفي المحكمة العليا , و الشكر موصول كذلك لهذا الجمع الكريم .

                                        وفقنا لله لما فيه خير البلاد و العباد
                                        المجد و الخلود لشهدائنا الأبرار
                                      و السلام عليكم و رحمة الله  وبركاته