المادة 15 من المرسوم رقم 76/63 مؤرخ في 25/03/1976 يتعلق بتأسيس السجل العقاري.
لا يمكن القضاء بعدم قبول دعوى إلغاء الترقيم المؤقت شكلا، بسبب عدم تقديم المدعي لمحضر عدم المصالحة، متى ثبت تقديم المدعي لاعتراضه على الترقيم المؤقت، أمام المحافظ العقاري وعدم فصله فيه، كونه يحل محل إجراء المصالحة.
الوجه الثاني، مأخوذ من قصور التسبيب، طبقا للمادة 358/10 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية:
بدعوى أنّ قضاة المجلس أخطئوا في إعطاء الوصف القانوني الصحيح للنزاع عندما اعتبروا أنّ الطاعنين لم يحددوا طلبهم القضائي تحديدا دقيقا نافيا للجهالة بالرغم من أنّهم حددوا القطعة الأرضية تحديدا دقيقا سواء من حيث التسمية (سـ....) أو من حيث المساحة (هكتار) والحدود الأربعة. بالإضافة إلى ذلك، فانّ القرار المطعون فيه أخطأ عندما اعتبر أن عدم وجود محضر عدم المصالحة يجعل الدعوى الأصلية غير مقبولة شكلا مخالفا تماما التسبيب الذي اعتمد عليه القاضي الأول الذي رفض الدعوى شكلا، مما يعد ذلك تناقض كبير وقع فيه القرار المطعون فيه خاصة وأنّه لم يحدد التسبيب القانوني الصحيح لتأييد الحكم المستأنف. كما أنّ التسبيب يجب أن يكون من حيث الوقائع والقانون طبقا للمادتين 11 و277 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية والقرار المطعون فيه لم يشر إلى أي نص قانوني يتعلق بموضوع النزاع حتى يمكن للمحكمة العليا مناقشته ومراقبته ولأطراف النزاع إبداء دفوع حوله.
حول الوجه الثاني، المأخوذ من قصور التسبيب بالأولوية:
وحيث أنّه وبالرجوع للقرار المطعون فيه يتبيّن أنّ قضاة المجلس ولتعليل قضائهم بتأييد الحكم المستأنف قد تبنوا نفس السبب الذي أخذ به القاضي الأول للتصريح بأنّ "محضر عدم المصالحة على المعارضة المسجلة على الترقيم المؤقت المنصوص عليه في المادة 15 من المرسوم رقم 76/63 المؤرخ في 25/03/1976 المتعلق بتأسيس السجل العقاري هو إجراء جوهري قبل رفع دعوى إلغاء هذا الترقيم لحساب الآجال المقررة لتحريكها وأنّ غياب هذا المحضر يترتب عنه عدم قبولها شكلا".
فعلا، حيث أنّه يتبيّن أنّ قضاة الموضوع اكتفوا بعدم وجود محضر عدم المصالحة كسبب وحيد للتصريح بعدم قبول الدعوى شكلا دون أن يأخذوا بعين الاعتبار أنّ النقاش الذين دخلوا فيه يكون له محل في حالة ثبوت تحرير محضر عدم المصالحة وعدم تقديمه في الدعوى من رافعها. ناهيك عن أنّهم وقعوا في التناقض لأنّه بالنتيجة التي توّصلوا لها، يكونون قد طبقوا على الطاعن الجزاء الذي يقرره المشرع في المادة 15 من المرسوم المذكور أعلاه بالرغم من كونه غير مسئول عن عدم تحرير محضر المصالحة.
حيث أنّه يتبيّن أنّ السبب المعتمد عليه يعد خاطئا لأنّ الثابت أنّ الطاعن اتبع الإجراءات المقررة لتسجيل اعتراضه على الترقيم المؤقت لدى المحافظ العقاري منذ تاريخ 25/04/2012، فإذا كان هذا الأخير لم يتخذ الإجراءات اللازمة للفصل في هذه المعارضة بتحرير محضر مصالحة أو محضر عدم المصالحة ثم تبليغه للطاعن حتى يحصل علمه في هذه الحالة الأخيرة بضرورة توّجهه للقضاء لتحريك دعواه، فإنّه لا يمكن تحميل الطاعن مسؤولية عمل الإدارة لأنّه بقي طوال هذا الوقت ينتظر ردّ المحافظة العقارية. وبالتالي، فإنّ القرار المطعون فيه خالف المادة 15/4 من
المرسوم المتعلق بتأسيس السجل العقاري، لأنّ قضاة الموضوع أخطئوا في تطبيقها لأنّهم اشترطوا على الطاعنين وهم المدعون الأصليون تقديم محضر عدم المصالحة رغم ثبوت عدم وجوده أصلا.
وحيث أنّه بناء على ما تقدم ومن دون حاجة للتطرق للوجه المتبقي، يتعيّن التصريح بتأسيس النقض على مخالفة القانون الداخلي حول الوجه الثاني في مضمونه. ومن ثمة، القضاء بنقض وإبطال القرار المطعون فيه مع الإحالة.